استشارات

اطرحوا قضاياكم لتجد كل اهتمام ومتابعة بالتعاون معكم ومع الخبراء والمختصين والمتابعين

الخميس، 22 أكتوبر 2009

هل أتزوجها؟




بعث إلينا شاب مغربي بالرسالة الآتية مستشيرا:

أتزوجها أم لا؟

بداية أحب أن أبدي إعجابي الشديد بكل القائمين على الموقع، لن أطيل عليكم

هذه أول مرة ألجأ إلى استشارة؛ وهذا لأني فعلا تعبان جدا ومحتاج مساندة ورأى ممكن يخليني أعرف أشعر بقليل حتى من الراحة

أنا شاب 29سنة تخرجت من جامعة بوردو الفرنسية ،والآن أنا مهندس في المغرب من عائلة ميسورة الحمد لله وأخاف الله ،رأيت فتاة تسكن بالقرب من مدينتي و تعلقت بها وتكلمت والدتي مع والدتها،فأخبرتها والدتها أن هناك من تكلم فيها لكن بدون عقد وهو يقطن بالمهجر، فقالت لنا أعطونا مهلة ( لأنها البنت الوحيدة لديها بدون أولاد و لا تريد أن تبتعد عليها في المهجر)فوافقوا ، فأخبرونا أنهم عندما سيستعدون سيخبروننا حينها أن نتقدم للخطبة .الآن نحن متعارفون سنة و نصف أراها بحضور والدتها اللتي هي طيبة معنا و أبعت لها الرسائل،فهي خلوقة و محتشمة و تريد تكوين أسرة ونحن متفاهمون في كل الأمور و أخبرتني أنها لم تتعرف على أي شاب من قبل
مع مرور الوقت قررت أن أسأل عنها في مدينتها فإكتشفت الكثير
هناك من يقول إنهم أناس طيبين جدا و البنت فقط مرباة بالتبني
وهناك من يقول أن أمها كانت مكترية لأحد المحلات التجارية لكنها لا تؤدي واجبات الكراء وتعطي شيكات بدون رصيد
وهناك من يقول أن البنت كانت على علاقة مع أحد الشباب على عكس ما قالته لي أن لم تكن لها أي علاقة و أنا أثق فيها
هل أ تكلم مع الفتاة في هذه الأمور أم لا؟
أم أنفصل عنها لأني لا أعرف أصلها لأنها فقط مرباة مع أنني أحبها و هي كذلك؟

أدعو الله أن ينير بصيرتي لكي أتخذ القرار الصائب والذي يرضي الله عز وجل
**************************
يتضح من دراسة الرسالة الآتي:
من الناحية العاطفية: هناك حب من صاحب الرسالة ويعتقد أنه متبادل ولنفترض أنه كذلك
من الناحية الاجتماعية: تحدثت الرسالة عن الحال الميسور لصاحبها, ونستنتج أيضا أن الوضع الاجتماعي للفتاة مريح نظرا لكون والدتها ذات تعاملات تجارية, مما يؤشر على أن هناك تكافؤ من الناحية المادية أو على الأقل تقارب
من الناحية الثقافية: لم يحدثنا صاحب الاستشارة عنها, ويبدو أن البنت ليست على جانب كبير ربما من التعليم, ما دامت الرسالة لم تذكر أي شيء في هذا الشأن, فلنفترض هذا, وإذا جد جديد بأن وصلتنا معلومات معاكسة نصحح الأمر من هذه الناحية
من الناحية المهنية: يظهر أن الفتاة لا تعمل ولذلك لم يرد أي شيء عن هذا الجانب في الرسالة
من حيث الوضعية الراهنة: الشاب صاحب 29 ربيعا أما البنت فلم يحدثنا عنها, ونفترض أنها تقاربه سنا, فلو كان هناك فرقا كبيرا لكان قد ذكره كعنصر مؤثر.
من الناحية الشخصية والإجرائية: هناك حديث عن خطوبة, وهناك موافقة مبدئية من الأم وابنتها, وهناك حديث سابق لطرف آخر في المهجر طلب يد الفتاة, لكن الأم عندما ظهر هذا الشاب فضلته لأن الفتاة هي وحيدتها, ولا تريد أن تبتعد عنها لتعيش في المهجر.
من الناحية السلوكية: يعتقد الشاب أن فتاته خلوقة ومحتشمة وجادة, بالإضافة إلى التفاهم التام كما يقول بينهما والانسجام والاتفاق على كل شيء
من الناحية الجسمية: لم تتحدث الرسالة عن صفات الطرفين لكن حالة الرضى لدى الشاب تعبر -ربما- عن وجود قناعة من هذه الناحية, إن لم تكن محجوبة بالتأثير العاطفي القوي
**************************
معلومات أخرى عن الفتاة: يكتشفها الشاب بالمصادفة, عندما خطر له أن يسأل عنها, هي على الخصوص:
- البعض يشهد للمرأة وابنتها بالطيبة
- المرأة هي أم للفتاة بالتبني
-هناك من يتحدث عن كون الأم كانت مكترية لأحد المحلات ولا تسدد الكراء وتدفع شيكات بدون رصيد
-هناك من يقول إن الفتاة كانت على علاقة بشاب آخر
- يقول صاحب الرسالة إن الفتاة كانت قد أكدت له بأنها لم تخالط أي كان من قبل
يعلق على ذلك بقوله: وأنا أثق فيها
ثم هناك من الوجهة الإسلامية الحديث النبوي الشريف الذي يروى بروايتين: تنكح المرأة لثلاث ورواية أخرى تقول: تنكح المرأة لأربع, وهي الأرجح في نظرنا, وهناك من يرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد عدد الصفات, بل ذكرها دون إسباقها بعدد, والمهم هو لب الموضوع, أي الصفات نفسها, وهذه هي الرواية التي نقلناها لكم عن مشكاة النبوة:
*****************************
الجـــــــــــــــــــــــــواب
1- خير ما نبدأ به هو رأي الدين الحنيف ونأتي بالحديث الشريف المشهور عن معايير اختيار الزوجة:
حديث تنكح المرأة لأربع
عَنِ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: " تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ " مُتّفَقٌ عَلَيْهِ

الحسب : هو الفعل الجميل للرجل وآبائه. وقد فسر الحسب بالمال في الحديث الذي أخرجه الترمذي وحسنه من حديث سمرة مرفوعاً: "الحسب المال؛ والكرم التقوى".
إلا أنه لا يراد به المال في حديث الباب لذكره بجنبه فالمراد فيه المعنى الأول.

قوله: "تربت يداك" أي التصقت بالتراب من الفقر وهذه الكلمة خارجة مخرج ما يعتاده الناس في المخاطبات لا أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قصد بها الدعاء.
2- من الواضح أن رأي الحديث الشريف هو في صالح الارتباط ما دام يفضل المعيار الرابع عن غيره, وصاحب الرسالة يعتقد أن فتاته على دين متين وخلق حميد، فإن صح هذا الأمر في الباطن كان ضمانة كبيرة للنجاح.
3- هناك حب حقيقي من طرف الشاب لأنه يبرر كل ما قد يثير بعض التساؤلات, وذلك بدوافع الضغط العاطفي الجارف عنده
4- من حيث التكافؤ ليست لنا فكرة دقيقة لكن يبدو ان هناك تقارب من الناحية المادية, لكن الأمر ليس كذلك من الناحية الاجتماعية والثقافية والمهنية, وهذه دون شك نقاط سلبية ذات تأثير فيما بعد عندما يصبح الأمر واقعا معيشا
5- غير ان المعلومات التي اكتشفها الشاب عند السؤال عن الفتاة تمثل جانبا سلبيا كبيرا إن ثبتت صحتها, فعليها أن يتحرى كل التحري في هذا الأمر البالغ الأهمية:
ا- إن كانت البنت متبناة بالفعل ولم تخبره لا هي ولا أمها بالتبني بذلك
2- إن كانت فعلا على علاقة بشاب آخر ولم تخبره بنفسها بذلك ولا أمها أن كانت على علم
3- إن كانت الأم بالفعل تتقاعس عن دفع الإيجار, والأخطر من ذلك أنها تدفع شيكات من غير رصيد
**********************************
* من حيث الزواج كشراكة اجتماعية: من هذا المنظور وبتدقيق النظر يبدو أن الشراكة غير متكافئة, وهو أمر مرفوض, حيث إن الشركاء يحرصون كل الحرص على مستقبل مصالحهم, وإذا صحت المعلومات الذي اكتشفها صاحب الاستشارة, فإن الاختلال واضح وتكون مصالحه المستقبلية غير مأمونة, لأنه إذا لم يبلغ بالحقائق من الفتاة وأمها, فإن معنى ذلك أن الأسس الأخرى تصبح محل شك, والشركاء لا يؤسسون شركاتهم على أدنى حد من الشك, فهم ينطلقون من القناعة التامة واليقين المطلق, فإن صحت هذه المعلومات, يكون مثل هذا الارتباط مغامرة غير مأمونة العواقب, لأن رصيده هو الدين والأخلاق، فإذا كان غير موثوق منه يكون كل شيء قد انهار من الناحية المنطقية والعقلية والمصلحية
لذلك يا سيدي الكريم أنت بحاجة ماسة إلى التدقيق في المعلومات التي اكتشفتها وأيضا إلى الاستئناس برأي والدتك بعد مصارحتها بكل ما عندك من معلومات, وإن كان هناك أقارب آخرون من ذوي الثقة المطلقة خاصة منهم الأصول كالأب والعم والخال. ويبقى القرار النهائي بيدك ونصيحتنا ألا تزج بنفسك في مستقبل مجهول وأنت في سعة من الأمر مقبل على الحياة وتتمتع بوضعية اجتماعية ومهنية مريحة, فماذا يدفعك إلى وضعية لست مرتاحا لها ولا أنت واثقا منها كل الوثوق؟ تحر الأمر واتخذ قرارك العقلي المنطقي المصلحي إن كانت المسألة هي زواج كشراكة اجتماعية.
**********************************
* أما إن كان الأمر اتحادا وهو أمر مستبعد, فكل شيء يختلف لأن كل الضمانات تكون قائمة, والبنت كونها متبناة وربما مجهولة النسب لا يعيبها ذلك فهي ليست المسؤولة عنه , لكن الأمر يحتاج إلى كثير من التضحيات المتبادلة, والصمود الأسطوري أمام المجتمع الذي لا تعنيه المسائل العاطفية أو الاتحاد الحاصل بين شخصين في شيء. حالة الاتحاد هذه قادرة على الصمود في وجه كل التحديات, وعليك في هذه الحالة أن تتحرى أن هناك هذه الحالة من الاتحاد حاصلة بالفعل بينكما بحيث إن كل واحد منكما يمثل نصفا فيها ولا يتصور أي زعزعة أو انفصال مهما كانت الظروف والصوارف. وعلى أي حال إن كانت الأم قد تصرفت خطأ في حكاية الإيجار والشيكات, فالبنت غير مسؤولة عن ذلك, خاصة إن كانت تجهل الأمر. وعن سؤالك هل تصارحها أم لا؟ طبعا تصارحها وتمتحنها امتحانا عسيرا عن عدم ذكرها كل الحقائق لك, خاصة قضية التبني وقضية معرفة شاب آخر, وإن كانت الأولى أخطر, فلا يجوز أبدا أن تخفيها عمن تريد الارتباط بها, أما عن الشاب فالأمر أهون لأنه قد يكون أمرا عابرا, ثم إنها حرة في ماضيها مالم يصل درجة الانحراف والانحلال. حالة الاتحاد هذه إن كانت حاصلة وأنت واثق منها فهي ضمانة هامة إن لم تكن كافية, لكن إذا صحت المعلومات التي اكتشفتها فإن الأمر يكون محل ظن وعليك أن تتحرى كثيرا. وأخيرا فالأمر بين يديك والقرار لك وحدك بعد تمحيص الأمر ونصيحتنا هي أن لا تستعجل ولا تغامر ولا تعطي القيادة لقلبك فالزواج شراكة قبل كل شيء ولا بد أن يقوم على أرضية صلبة لا شك فيها بل تكون هي اليقين المطلق, وبعدها تكون فسحة للقلب أن يمرح ما شاء له المرح. نلح في النصيحة بألا تتعجل, سر على أقل من مهلك, وفقك الله وحفظك من كل سوء وهداك إلى سواء السبيل.

الجمعة، 16 أكتوبر 2009

الزواج بين الشراكة والاتحاد












الزواج بين الشراكة والاتحاد

نعني بالشراكة المفهوم العام المتعارف عليه في شتى المجالات, ذلك أن الزواج شركة بين اثنين من جنسين مختلفين, تتسع فيما بعد إلى الأولاد في الأسرة المعاصرة, بينما تدخل في الأسرة التقليدية أطراف أخرى ابتداء من الجد إلى الأحفاد, بمعنى أن الشركة الناشئة أو المؤسسة المسماة بالخلية الاجتماعية الأولى هي الأسرة, ولنقصر كلامنا على النوع العصري منها لأنه هو الواسع الانتشار, بينما التقليدي الذي يتسع إلى كثير من الأفراد, هو في حقيقة الأمر يكاد يختفي أو هو نادر, مثله مثل الأسرة القائمة على تعدد الزوجات, والتي هي الأخرى قليلة جدا في المدينة على الأقل, وعلى حد علمي فالأمر في الريف والبوادي لا يختلف كثيرا, فهذا النوع من الأسرة يكاد يختفي في أغلب المجتمعات العربية التقليدية منها والمعاصرة أو شبه المعاصرة. إذا المسألة تنطلق من الزواج في الأسرة التي نعتمدها في هذا الحديث. بمعنى أن الشراكة الاجتماعية المقصودة هنا هي الزواج, فما هو هذا الأمر, ولماذا كان؟ وهل هو ضروري لقيام المجتمع واستمراره؟ وهل هناك بدائل ممكنة عنه؟ وما إلى هذا من التساؤلات التي تثيرها مسألة التفكير في هذه الشراكة التي تشكل في بعض من مناحيها النفسية والاجتماعية والإنسانية إشكالية عويصة في قيامها أولا ثم في نجاحها واستمرارها وإنجازها الأهداف المرجوة منها من سعادة الشريكين وبعد ذلك جميع أفراد الأسرة عندما يكون هناك أطفال يتم التكفل بهم بكفاءة تمكنهم من التنشئة الصالحة, والعيش الكريم السعيد في رحاب الأسرة التي تضمهم مع والديهم.

الزواج

من غير الذهاب بعيدا في التعريفات المتعددة الأكاديمية والنظرية, نقول ببساطة تامة إن الزواج ظاهرة اجتماعية في المقام الأول اقتضتها ظروف الحياة الطبيعية القاسية في الفترة البدائية من التاريخ البشري, أي قبل نشأة المجتمع الإنساني المنظم, والخاضع لأعراف وقوانين وسلطة تشرع وتنفذ حفاظا على أمن الناس وخاصة حياتهم وأملاكهم, كان لا بد من إنهاء الصراع القاتل والتطاحن بين الناس على المطالب الحيوية الأساسية التي من أهمها الأكل والشرب والجنس, فخضع بذلك الجنس للتشريع والعرف, ثم الأديان فيما بعد, وكان حل مشكلة التطاحن على إشباع الرغبة الجنسية بتقرير الزواج كإجراء يقتضي إنشاء الخلية الاجتماعية الأولى التي هي الأسرة, حيث يختص رجل وامرأة ببعضهما في ظروف آمنة مستقرة واطمئنان تام, وهي الشروط التي تتطلبها المراحل اللاحقة من سعادة زوجية ثم أسرية عندما يتعدد أفراد الأسرة بالإنجاب. بمعنى أن الزواج هو المدخل الضروري أو كما يقال الشرط الواجب والكافي لنشأة المجتمع البشري واستمراره, إذ عن طريقه تنشأ الخلية الأولى للمجتمع التي هي الأسرة, وبعد هذه المقدمة اللازمة نخوض في المفهومين الآخرين أو الحالتين والخيارين اللذين على أساسهما تتأسس الشركة الاجتماعية أو الخلية الأساسية للمجتمع, ونشير إلى أن هذا الأخير, أي المجتمع لا يبحث عن إرضاء الغرائز بل يسعى إلى تنظيم نفسه والمحافظة على أمنه وسلامته وازدهاره في ظل شروط الاستقرار الضرورية لبقائه في حالة ملائمة قدر مستطاعه, ومن هنا يمكن تفهم الكثير من المشاكل العويصة الناتجة عن مثل هذا القصد للمجتمع الذي يتجاهل بطبعه النزعات والرغبات والاهتمامات وحتى المعاناة النفسية لأفراده، لأنها قضايا ومشكلات فردية, أي أنها ليست اجتماعية, ولذلك لا يهتم بها المجتمع ولا تعنيه في شيء, إلا من حيث ربما الاحتياطات التي يتعين عليه اتخاذها لتأثير مثل هذه الإشكالات الفردية على وجوده واستقراره وازدهاره, بعد هذا التوضيح الضروري نتناول المفهومين الآخرين المذكورين في عنوان المقال:

الشراكة

هذا المفهوم يكاد يكون اجتماعيا بحتا في نظري, بمعنى أن الرجل والمرأة يلتقيان ويتفقان على تكوين شركة هي الأسرة, ويتباحثان ويتفاوضان من أجل ذلك التأسيس هما مباشرة في الغالب, أو وكيلاهما في الأوساط التقليدية, إذ أن الوكالة في العائلات المدنية أو التي يمكن وصفها بالعصرية, إنما تأتي من باب احترام الشريعة والدين والتقاليد, لكنها في واقع الأمر لا تقوم بالنيابة الكاملة والحقيقية عن الطرفين المقبلين على الارتباط, فمن هذه الناحية الاجتماعية يكون الاهتمام الأول هو شروط عقد الشراكة التي ينبغي أن تكون ناجحة بفضل القاعدة الصلبة التي تقوم عليها, بعد التشاور والمناقشة بين الطرفين أو من ينوب عنهما لكل التفاصيل وبكل دقة حرصا على نجاح الشركة الناشئة أي الأسرة, بمعنى أن الانتباه هنا إنما يركز على المصلحة والجدوى والجوانب المادية والمعنوية التي تراعي عند إنشاء أي شركة اجتماعية أو مؤسسة يقع التفكير مليا في شروط إنشائها لضمان النجاح, وكأن التاريخ لا دور له في العملية, أي أن الظروف القاسية التي دفعت المجتمع في بداية نشأته في قديم الزمان, وهي الاقتتال والتطاحن في سبيل السعي لإرضاء الحاجة الجنسية, قد وقع نسيانها تماما, ولم تعد تعني المؤسسين للشراكات الجديدة, فهم يبحثون في المهور والدخل والسكن ودرجة التعليم والتأهيل أو الثراء, ولا تهمهم كثيرا القضايا النفسية والجسمية ذات الصلة الحميمة بارتباط شخصين من جنسين مختلفين, أو أن ذلك الاهتمام يظل هامشيا وثانويا لا يحسب له أي حساب لأسباب تتعلق بجعل المجتمع له واحدا من الطابوهات الأساسية التي يمنع الكلام فيها أوفي أحسن الأحوال يصاحب بالخجل والحرج وربما العجز التام عن الخوض فيها, وبالتالي يبقى هذا الجانب الأساسي والأصلي غامضا وغائبا عن الوعي, ويدخل الشريكان في الشراكة هكذا من غير إعداد أو تهيؤ لازم لهذا الجانب النفسي والجسمي من الشركة الاجتماعية التي أقدما على تأسيسها بنية الثبات والدوام وحسن التسيير والنجاح. وهكذا تبقى كل الأخطار الجسيمة متوقعة وكل المشاكل العويصة الناتجة عن هذا الجانب قائمة, وربما يبدأ تفجرها منذ البداية المبكرة, أي من اليوم الأول الذي يشرع فيه الطرفان في الوجود معا داخل المؤسسة الجديدة, فقد يصطدمان منذ اللقاء الأول في بيتهما الجديد بحقائق يجهلانها عن بعضهما, يصعب تجاوزها, ويعسر حل ما تطرحه من معضلات, وفي الغالب تكون هذه الجوانب نفسية وجسمية, يخفيها الشريكان عن بعضهما قبلا عن قصد بسبب الحرج, أو سهوا وجهلا بالمشاكل التي قد تنشأ عنها, وخاصة منها تلك الأشياء المتعلقة بالجانب الجنسي وأيضا النفسي مثل الطباع والعادات الشخصية المتنوعة والمتمكنة والتي قد تكون ممقوتة وصعبة التحمل من الطرف الآخر وهكذا, ذلك لأن الإعداد الذي بسمح به المجتمع ويحرص عليه هو الإعداد المادي المتعلق بإنشاء المؤسسة الجديدة, كما هو الأمر تماما في أي شركة اجتماعية أخرى, أما هذه النواحي الجسمية والنفسية وخاصة العاطفية والجنسية, فنظرة المجتمع إليها مستهجنة وسلبية ويمارس من أجل ذلك ضغطا رهيبا على الإناث خاصة, إلى درجة قد تجعلهن ينفرن من العلاقة الجنسية نهائيا ولعدة سنوات بعد الزواج, إذا استمر مثل هذا الزواج, لأنهن يكن تحت تأثير الضغط الذي مورس عليهن من قبل حتى أوصلهن درجة تغيير الطبيعة في أنفسهن وأجسامهن إرضاء للمجتمع وخضوعا لقهره ولضغوطه الرهيبة, وربما أصابهن ذلك بعاهة البرود الجنسي التي قد لا ينفع معها أي علاج مدى الحياة, ومن هذه الحالات المستعصية ما يؤدي إلى الانفصال حتما, أو إن لم تسمح الظروف بذلك, تكون الحياة الزوجية عوض السعادة شقاء جهنميا لا طاقة للبشر به. وفي أحسن الأحوال وفي غياب هذه الوضعيات الحادة تكون الشراكة ربما ناجحة ماديا واجتماعيا أو مظهريا خاصة, لكنها لا تكون محصنة, ولا مؤمنة من الهزات والانزلاق, شأن كل شراكة ذات طبيعة مادية وقانونية, ما دام الجانب الآخر غائبا, أي الجانب النفسي والجسمي الفردي وهو جانب جوهري في العلاقة لا شك. ومن هنا نستطيع الاستنتاج بأن الزواج الذي يتأسس على قاعدة الشراكة وحدها, يبقى مرشحا للمتاعب وربما الانهيار التام والانفصال, مثلما هي طبيعة الشركات في كل الميادين, مما يعني ضرورة البحث عن جانب آخر من الارتباط, أو بالأحرى العناية به كل العناية, لأنه لا يقل أهمية عن الشراكة, بل هو الذي يعطيها كل الضمانات في الاستقرار والاستمرار والازدهار, وذلك هو الجانب الذي اخترنا له مصطلح الاتحاد, فما القصد من هذا المفهوم؟

الاتحاد

مفهوم الاتحاد يعني الإقرار بوجود كيانين أساسا, أي فردين وشخصين رجل وامرأة, هذا هو ما يلاحظ في الظاهر, لكن التمعن في الأمر يفضي إلا أن ما يوجد في الحقيقة هو كائنات بشرية نصفية, بمعنى أن الله سبحانه قد خلق الإنسان نصفا غير مكتمل, ويبقى ناقصا إلى أن يدرك الكمال الذي يسعى إليه بطبيعته, وهو الالتحام مع النصف الآخر في شكل اتحاد, وليس وحدة, لأن مبدأ النصفين يبقى قائما وبالإمكان أن تحدث شراكة كما رأينا ويتكون اتحاد هش, وهي أغلب الأحوال في عالم المتخلفين عامة, حيث لا يصلون في شراكتهم الزوجية إلى درجة الاتحاد, لقصورهم وذهولهم عن ذلك المقصد الرفيع, ولو أن هناك حالات من الاتحاد قليلة تقع حتى في المجتمعات المتخلفة بصورة عفوية طبيعية أو بصورة واعية مقصودة كما يحدث لدى البعض من النخب المثقفة الراقية الراسخة القدم في الإنسانية وبياض السيرة, معنى الاتحاد هو ترسيخ الشراكة وجعلها في مأمن من كل التقلبات والأخطار, فلا يمكن مهما كانت الظروف والأسباب أن يحصل انفصال بالطلاق أو بغيره ما دام أحد الطرفين, أو قل النصفين على قيد الحياة, حتى في حالة المرض الذي قد يسبب حالات من العجز مثل الشلل أو ما أشبه ذلك, بل إن الاتحاد في حصول هذه المحن يزداد قوة, بسبب أن الطرف المصاب أو النصف يكون في أمس الحاجة إلى النصف السليم لرعايته وإشعاره بالأمان والاطمئنان, مما يخفف عنه وقع الإصابة, وربما يجعله على قدر كبير من السعادة, قد تصل درجة الحالة التي كان عليها وهو يتمتع بالصحة والعافية. بطبيعة الحال ليس من السهل إدراك هذا المستوى من السلوك الملائكي, إلا أن الواقع يشهد بوجوده أحيانا لدى حتى أبسط الناس في الأوساط الشعبية الأمية التي تعيش على الفطرة السليمة, وتقع بين رجالها ونسائها بنسبة ليست بالقليلة حالة الاتحاد هذه, التي غالبا ما تحدث عفويا بعد الشراكة والانسجام الذي يحصل فيها مصادفة لأسباب عديدة, منها التجاوب الطبيعي الذي لم يكن مقصودا غير أن الحظ يكون قد جمع بين نصفين لهما الكثير من صفات التوافق والتكافؤ فترتقي شراكتهما إلى درجة الاتحاد. هذا الاتحاد يحصل قبل الشراكة في المجتمعات المتطورة الديمقراطية, ذلك لأن العلاقات بين الجنسين عندهم لا قيود عليها, ولكونهم يعيشون الشراكة الفعلية لا الرسمية, بدون زواج لمدة قد تستغرق سنوات عدة, بعدها إما أن يذهب كل واحد لحال سبيله, يبحث عن نصفه الآخر إن كان ينوي الارتباط الرسمي, أي الزواج, أو يسعى لإيجاد النصف الذي يمكنه الاتحاد معه, وإعلان الشراكة الاجتماعية الرسمية, وإنشائها كمؤسسة ذات وجود شرعي قانوني, وربما وقع الاتحاد وظل كذلك غير رسمي أي من غير زواج موثق, وقد يقع الإنجاب أو يمتنع الاتحاد عن الإنجاب, وهي الحالات الغالبة الآن في الغرب, الذي يكاد يتخلص من الأسرة الرسمية نهائيا, وقد يكون ذلك الأمر سلبيا, كما يتخوفون هم أنفسهم, لكون الأسرة تمثل الوحدة الأساسية للمجتمع, أو الخلية, ولا يعرف لحد الآن ما هي الأخطار الجسيمة, التي سوف تترتب عن اختفاء هذه الخلية أو الوحدة الأساسية؟ وهل بالإمكان أن يستمر المجتمع بدونها, أو ينهار؟ وبماذا يعوضها إن كان لا بد من التعويض, تجنبا للانهيار والاندثار؟ المهم هو أن الحرية الشخصية, وحرية العلاقات بين الجنسين تبعا لذلك مكفولة في المجتمعات الغربية وتلك التي تشبهها, مما يجعل الاتحاد بين النصفين سهلا ميسورا, كون البحث عن النصف الآخر ليس بالأمر الصعب في جو الحرية الشخصية القائمة مما يجعل الشراكة الاجتماعية في حال حدوثها منيعة, بل إنها تبقى منيعة حتى في حالة البقاء على العيش معا, دون شراكة اجتماعية رسمية, أقصد دون زواج رسمي, ومثال الفيلسوفين الوجوديين الفرنسيين "جان بول سارتر" و"سيمون دي بوفوار", لا زال ماثلا للعيان, لقد أقاما اتحادا حرا دون زواج, وعملا بفلسفتهما القائمة على الحرية الفردية التامة, بحيث يحتفظ كل واحد منهما بحريته الكاملة بما في ذلك إقامة العلاقات العاطفية والجنسية مع أنصاف أخرى وبعلم النصف المتحد معه, الذي لا حق له في الاعتراض, غير أن ذلك لم يحدث إطلاقا, فقد كان الالتزام المترتب عن الحرية التامة, والذي أدى للاتحاد مانعا للآخر من إقامة العلاقات العابرة النفعية أو النزواتية منعا كاملا, وهذا هو معنى الاتحاد ومصداقيته, حيث إنه يمثل الاكتفاء بنصفيه اللذان يجتمعان في اتحاد, بعد حصول الانسجام التام, والشعور بضرورة العيش معا, التي قد تظل خارج الزواج في الغرب وأشباهه, ومن المهم أن نشير هنا إلى أن من بين ما يكون عنصرا بالغ الأهمية في الانسجام المؤدي إلى الاتحاد هو التوافق الجنسي, إلى درجة الاقتناع التام والاكتفاء, وبالتالي حصول الاتحاد على ذلك الأساس وغيره من الأسس الجوهرية في الشراكة, والاتحاد الذي هو من المتانة بحيث يستحيل فك عراه, أو على الأقل فإن ذلك شبه مستحيل, بطبيعة الحال مثل هذه التجربة مستحيلة في مجتمعاتنا, ومن ثم وجب تعويضها بما يضمن التأكد منها بطرق أخرى نظرية, وهو أمر ممكن إلى حد بعيد, وسنعود إليه لاحقا. لسنا هنا بصدد التعريف بالوضعية الغربية أو تقييمها, غير أنه من المجدي أن نعرفها معرفة دقيقة, نظرا لتأثيرها فينا بشكل أو بآخر ولأنها تجربة مهمة وناجحة عمليا إلى درجة كبيرة, ومن ثم أمكن الاستفادة منها بالطريقة التي نراها مناسبة لوضعيتنا, وبالطريقة التي تجدها مجتمعاتنا المحافظة مقبولة, وفي كل الأحوال فالعلم بالشيء خير من الجهل به. نعم إن الحرية الفردية الكاملة في الغرب, تجعل الشراكة تقوم بسهولة كبيرة وخارج الزواج, وقد تبقى كذلك العمر كله, وقد تتنوع بين أنصاف متجددة, وقد تترسم وتتحول إلى شراكة اجتماعية مقننة أي زواج, وقد ترقى إلى اتحاد وتظل كذلك مدى الحياة, وقد يرسم الاتحاد شراكة اجتماعية قانونية أي زواج, ويكون مفعما بالسعادة والاستقرار والدوام مدى الحياة, ما دام قد بلغ مرتبة الكمال البشري الذي هي اتحاد النصفين المرأة والرجل لتكوين كيان بشري واحد قادر على ممارسة الحياة كاملة, وضمان استمرار الحياة وحفظ بقاء النوع الإنساني, بإقامة الحياة الجنسية في أمتع صورها وأروعها, لأنها تتم في جو من التكافؤ والانسجام والاقتناع المتبادل, والرغبة الجامحة في النصف الآخر المحبوب, مما يؤدي إلى الإنجاب, ولكون الوسط الاجتماعي راقيا, فإن تنشئة الصغير أو الصغار إن أنجبوا أكثر من واحد تكون راقية ورشيدة ومرفهة, مما يؤدي إلى الأسرة السعيدة المزدهرة, وبالتالي المجتمع السعيد المزدهر, وهذا ما هو حاصل في الغرب, إلا أن هناك مشكلة طغيان الحرية الفردية التي أدت بالإضافة إلى الأنانية الطاغية المرتبطة بها إلى الاكتفاء في الغالب بالشراكة والاتحاد غير الرسميين وغير القانونيين, بمعنى من غير زواج, مما يجعل الإنجاب نادرا في هذه الحالات, وإن كان لا مانع فيه اجتماعيا, بل هو مرحب به من أجل النمو الديمغرافي المنشود, وبالتالي فإنهم قلقون جدا من هذه الوضعية, ومتخوفين لحد الرعب من انقراض الأسرة, وبالتالي تراجع النمو الديمغرافي والسير نحو اضمحلال مجتمعاتهم, التي صارت مهددة بالمهاجرين من العالم الثالث, الذين يحتفظون بخصوبتهم, وبالتالي بنمو نسبتهم سريعا في المجتمعات الغربية, مما يجعلها مرعوبة من تهديد تحولها إلى أغلبية ساحقة من تلك التركيبة المهاجرة من العالم الثالث, وبالتالي تحول هويتها نهائيا من مجتمعات غربية إلى مجتمعات جنوبية في عنصرها البشري, بما في ذلك هاجس تحول الجالية المسلمة فيها إلى مكون أساسي نظرا لعدده المتعاظم ونسبته المتطورة باطراد وسرعة مذهلة. هذا ما يمكن نعته بالجانب السلبي من الشراكة والاتحاد في البلدان المتطورة الغربية, فضلا عن تعارضه مع الجانب الديني بالنسبة إلينا, وإن كان هذا الأمر فيه الكثير من التحفظ, لأنهم هم كذلك لهم دياناتهم, التي لا تبيح الشراكة والاتحاد خارج الشرعية, ولكنهم ساروا في ذلك الطريق لمبررات ليست بالهينة أو العبثية مما جعلهم – ربما – يأخذون بأخف الضررين, ومهما كان الأمر فإننا غير راضين ولا مستعدين للاستفادة من تجربتهم كما وقعت عندهم, أي خارج الشرعية الدينية على الأقل في مراحل نشأتها الأولى, ومع ذلك تبقى الاستفادة منها ضرورية في صور ممكنة داخل الشرعية الدينية التي نتمسك بها كل التمسك.

إمكان الاتحاد لدينا

هذا المستوى الرفيع من اللقاء بين الجنسين نسبته قليلة في مجتمعاتنا المحافظة المتخلفة, وفي الحالات القليلة التي يحصل فيها, يكون نتيجة للمصادفة وحدها, كم يحدث في الأوساط الشعبية الريفية أو الحضرية, وذلك لأن الحظ يكون قد ابتسم لشخصين من الجنسين, واتفق أن كان الانسجام بينهما تاما والتكافؤ والتجاوب في القمة, بما في ذلك ومن أهمه الانسجام الجنسي, نظرا لصفات نفسية وجسمية متجاذبة بطبعها, مما يؤدي إلى ارتقاء الشراكة الاجتماعية بالزواج إلى سمو كبير وإلى حالة الاتحاد والالتحام التام, في الكيان الكامل المنشود, كما يحصل الاتحاد في أوساط النخب المثقفة خاصة, وذلك بسبب ارتفاع الوعي, وبسبب إقامة شراكة ذات جوانب مختلفة تسمح بها ظروف تلك النخبة قبل الزواج, بما في ذلك التأكد من الانسجام الجنسي نظريا, حيث إن المستوى الثقافي الرفيع يمكنه تعويض التجربة الجسمية المباشرة كما يحصل في الغرب, وفي هذه الحالة من الاتحاد الكامل المقصود والواعي تكون السعادة غامرة والشراكة متينة لا يخشى على مستقبلها الآمن المطمئن, مما يؤدي إلى جانب الشروط المادية والمالية الوفيرة أو الكافية على الأقل إلى نشأة أسرة سعيدة, هي أفضل الأسر للتنشئة الاجتماعية والتربوية للأطفال الذين سوف يتمتعون بتربية صالحة وبحياة سعيدة مزدهرة داخل أسرة النشأة, مما يجعلهم مؤهلين لتكرار التجربة مستقبلا, أو أنهم أقرب بكثير إلى ذلك. وأيضا فإن النخب الأخرى التجارية والصناعية والسياسية وغيرها, هي أقرب إلى بلوغ درجة الاتحاد من الأوساط الفقيرة والغارقة في شقائها المادي وجهلها ومعاناتها القاسية, ذلك أن هذه النخب إضافة إلى ظروفها المادية المرفهة, هي على قدر من الثقافة أو على الأقل من التعليم كبير أو مقبول, وبالتالي يكون وعيها متطورا, مما يجعلها قادرة مثل النخب المثقفة ولو بدرجة أقل على إقامة الشراكة الاجتماعية على أساس الاتحاد, أو الوصول إليه بعد أن تحدث الشراكة, لذلك فإن هذه الأوساط المتشبهة عامة بالغرب في طرائق عيشها, لديها أسر يمكن وصفها في الغالب بالسعيدة والمستقرة وذات الإمكانات الكبيرة في التنشئة الاجتماعية والتربوية الصالحة والسعيدة للأبناء, بعد ما توفره لطرفي الاتحاد من ظروف عيش كريمة وارتباط وثيق يضفي على العلاقة جوا من الهناء والثقة العميقة التي لا تتزعزع, وما إلى ذلك من الانسجام والتكافؤ والتجاوب والتجاذب الذي كان سببا في حصول الاتحاد بين العنصرين في كيان كامل مثالي وهنيء.

توضيح

- الثقافة والتربية الجنسية: نحن أشد حاجة إلى هذا الأمر من المجتمعات الغربية, ذلك لأنهم يستطيعون الحصول على هذا التكوين الضروري للفرد عمليا, وهم أصلا يتلقونه في المدارس وعبر كل الوسائل وعن طريق التنشئة الاجتماعية, ثم إن الطريقة الحرة التي يقيمون بها الشراكة الطبيعية التي قد تصبح شراكة اجتماعية سواء حصل الاتحاد بين الطرفين أو لم يحصل, إنما هي مدخل للتأكد من وجود الانسجام والتكافؤ والتجاوب والتجاذب وغيرها من شروط الشراكة أو الاتحاد, أما نحن علينا فيستحيل في مجتمعاتنا المحافظة إقامة الشراكة الطبيعية, ومن ثم وجب تعويضها بالمعلومات النظرية المعمقة في الثقافة والتربية الجنسيتين, وإلا كنا مغامرين تماما عند إنشاء الشراكة الاجتماعية وهي الطريقة الوحيدة الممكنة لارتباط الطرفين لتكوين الأسرة, لكن الواقع يشهد على أننا لا زلنا نمنع هذه الثقافة على الأفراد, ويتجنب المجتمع لأسباب غامضة القيام بالتربية الجنسية الرسمية في المدارس وعبر كل وسائل الإعلام والاتصال لأفراده من الأطفال والشباب خاصة, مما يعني الامتناع عن الوقاية الضرورية ورعاية الأسرة المستقبلية وحمايتها من الفشل, الذي يعرضها لخطر الزوال والتفكك بالطلاق, أو على الأقل التعاسة وسوء التربية للأطفال.
- إن إرضاء الرغبة الجنسية هو الأصل في نشأة الأسرة وإقامة الشراكة الاجتماعية, وهذا ما نتجاهله تماما عند الإقبال على الارتباط, وخاصة الأولياء الذين يتولون الوكالة وكل الإجراءات المتممة للارتباط, وحتى الطرفان المعنيان فهما وإن كانا على قدر من الاهتمام بالجانب الجنسي, لكن ذلك يقع سرا وفرديا, دون الجرأة على الحديث في الأمر بينهما, ولا تبادل ما يمكنهما من معلومات قد يعرفانها عن أنفسهما, أو عن مصادر علمية وثقافية صحيحة ودقيقة قد تكون لدى أحدهما, في صورة أشرطة وكتب وغيرها من وسائل المعرفة والتثقيف, كل هذا بسبب الخجل والحرج الناتج عن المنع التام للخوض في هذا الأمر بأي شكل من الأشكال, حتى ولو تعلق الأمر بالطرفين المقبلين على الارتباط, مما يعني دفع المجتمع لهما إلى المغامرة التامة والإقدام الأعمى على كل احتمالات الخطر والفشل بالطلاق أو المعاناة مدى الحياة, ويكفي أن الضغط الذي تتعرض له البنت في هذا الشأن من تخويف وترهيب وتهديد يمارسه المجتمع عليها بصورة مباشرة عن طريق الأم خاصة, هذا الضغط الكبير يؤدي في الغالب إلى إصابة البنات بعاهات نفسية حقيقية, منها البرود الجنسي المكتسب, ورفض العلاقة الجنسية تماما ونهائيا, مما يجعل الفتاة بعد الزواج تنفر من الاتصال الجنسي, أو تتمنع عن القيام به إلا مضطرة وهي كارهة, وقد يتطلب الأمر إن استمرت الرابطة لظروف قاهرة سنوات طويلة من أجل إعادة الطبيعة السليمة إليها, وتقبلها الاتصال طوعا وربما الرغبة فيه, بعد أن تكون قد أنجبت مرة أو أكثر, ولكون الطرفان يجهلان تماما طبيعة الممارسة الجنسية فقد تظل المرأة طوال حياتها لا تصل إلى الهدف من الاتصال أي إلى النشوة وربما لا تبحث عنها أصلا, ويظل زوجها جاهلا لهذا الأمر لأنه يحصل على مبتغاه وهو يظن أن زوجته قد حصلت آليا على نفس الشيء بسبب جهله لطبيعة الأمر عندها, أو لعدم اكتراثه بالأمر أصلا, ولكونها لا تستطيع أن تطالب بهذا الحق حياء وخجلا ولا تستطيع السعي إليه أو الحديث فيه وتوضيح الأمر لشريكها وطلب المساعدة الضرورية منه لبلوغها نشوتها الطبيعية والمشروعة, لكنها لا تفعل جهلا أو حياء وخجلا بسبب قمع المجتمع لها وإهماله التام لهذا الجانب الأساسي في الزواج والسعادة الزوجية وسلامة بناء الأسرة وقيامها بوظيفة التنشئة الاجتماعية السليمة لأبنائها. هذا هو الوضع القائم, والذي يمنع قيام الشراكة الاجتماعية السليمة إلا بالمصادفة وحدها, أم الاتحاد المرغوب فيه والضامن لنجاح الشراكة الاجتماعية نجاحا تاما فيكاد يكون مستحيلا بسبب غياب هذه الثقافة والمعرفة والتربية الجنسية الضرورية. ونحن في هذا نسلك سلوك النعامة التي تواجه الخطر بغرس رأسها في الرمال حتى لا ترى مصدره ولا يهم أن يلتهمها إن كان حيوانا مفترسا ما دامت لا تراه, والغريب في الأمر أننا نميل إلى تبرير تقاليدنا البالية في هذا الخصوص تصريحا أو تلميحا بالدين, بينما الحقيقة هي أن الله سبحانه هو الذي خلقنا على شكل نصفين مختلفين جنسا, ولا يمكن لنا أن نكون كائنا كاملا إلا بالاتحاد, وليقع ذلك ويستمر وجودنا كنوع بشري زودنا الخالق الحكيم بآليات قوية هي الجاذبية الطبيعية بين الجنسين, والرغبة الجنسية القائمة على أساس غريزة أساسية وضعها مدبر الكون جل شأنه فينا, كما جعل اللذة الجنسية أقوى اللذات وأمتعها وأكثرها رغبة وسعيا لدينا لتحقيقها, وشرع لنا الزواج لتنظيم كل هذه العلاقة الصميمة, ورغم كل ذلك نريد إلصاق تقاليدنا الجاهلة البالية الهدامة في هذا الشأن بالدين الحنيف, ولله في خلقه شؤون, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

راسلني

الجمعة، 9 أكتوبر 2009

الله وحياتك

ليـــــــسـت صـــــــدفـــــــة

لم يكن ميلادك على الارض صدفه او خطأ

انك موجود لان الله اراد ان يوجدك لقصد معين

الله الذى حدد طبيعه خلقك وتفاصيل جسمك وجنسك ومواهبك وشخصيتك وضع هذا لقصد معين

اذ حدد لك هدف فى حياتك على الارض

ان الله لم يفعل شىء ابدا مصادفه وهو لا يخطى ابدا

لقد خلق الله الكون كله بنظام دقيق لخدمه الحياه الانسانيه

وهذا كله نابع من محبه الله العظيمه لنا

لهذا فان لحياتك معنى عميق لن نكنشف هذا المعنى الا اذا جعلنا الله هو محور حياتنا

لهذا يجب الا نهزأ بحياتنا بل نكتشف القصد الالهى من ورائها

ولان نستطيع هذا الا اذا كان الله هو محور حياتنا نعيش له وبه

لاتقلل من قدر نفسك مهما صغر شأنك فى هذا العالم لان من خلقك هو الله

لاتجعل الضيقات والضربات تؤثر فيك وتفقدك الثقه فى نفسك والهك بل هى من اجل ان

تثقلك وتقويك لتنمو اكثر فى القوه والحياه

فقط ليكن الله هو محور حياتك

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

أكثر من كذاب ... وأكبر من خائن




رسالة فلسطيني حر شريف


تلقيت هذه الرسالة من الأخ الدكتور محمد رحال وهو فلسطسني مقيم في السويد وله مكانة معتبرة فيها وهو الذي أشرف على تنقلات الصحافي السويدي الحر الشهير: دونالد بوستروم - صاحب الموقف الشريف من متاجرة العصابة الصهيونية بأعضاء الشهداء الفلسطينيين, والذي تلقى الويلات من هذه العصابات الصهيونية المجرمة كرد فعل منها على فضحها عالميا بإعلانه الشهير عن هذه الممارسات الجبانة, فهي تهدده بالقتل والتشريد والتجويع, وقد طاف ببعض البلدان العربية بمرافقة الدكتور محمد رحال الذي يساعده ويتولى الإشراف على هذا الجانب من نشاطه.وبمنا سبة الحادثة الخطيرة التي تمثلت في سحب السلطة في رام الله لتقرير غولدستن الشهير حتى لا تتعرض العصابة الصهيونية المجرمة ربما لبعض اللوم من مجلس الأمن الدولي, أو مجرد عرض التقرير على المجلس, لأن الفيتو الأمريكي لا يمكن أن يسمح بأي لوم مهما كان خفيفا للعصابة المجرمة, فقد بدا الموقف أكثر من غريب موقف من تسمي نفسها السلطة الفلسطينية, وإن كنت شخصيا لا أستغرب أبدا في مثل هكذا تصرف, لأن سلطة قائمة تحت الاحتلال, لا يمكن أن يكون لها مواقف أخرى غير خدمة الاحتلال, وإلا فلما ذا يسمح بإقامتها في مناطق نفوذه؟ لقد أقامها لكي تخدمه وأي كلام غير ذلك لا معنى له, فهل يمكن تصور أي دولة في العالم تقدم على تنصيب سلطة أو غيرها في منطقة واقعة تحت نفوذها؟ مثل هذا القول غير منطقي وغير واقعي والدليل هو تصرفات سلطة رام الله, وإني لأستغرب مع المستغربين سعي حماس إلى الحكم ودخولها في لعبة السياسة ومنافستها لفتح على السلطة القائمة تحت الاحتلال, فهل تريد التخلي عن المقاومة, والتحول لخدمة الاحتلال؟ هل هو خطأ في التحليل؟ هل هذه المنظمة الصامدة تريد من هذا المسعى وضع السلطة عند حدها ووقف تفريطها؟ وهل ذلك ممكن؟ أفلا تتعض هذه المنظمة المقاومة من عمليات الاغتيال والاعتقال والمتابعة والتهديد الذي يتعرض لها نوابها ووزراؤها وكوادرها السياسية المعلنة والظاهرة للعيان؟ هذا هو الذي يستحق الاستغراب, أما من قبلوا بإقامة ما يسمى بالسلطة تحت الاحتلال فلا يستغرب منهم شيئ, فقد انتبه الراحل الرئيس عرفات إلى هذه الخديعة وأراد تصحيح الوضع, لكنه لقي المصير الحتمي لمن يرضى ولو عن طريق الخطأ بإنشاء سلطة تحت الاحتلال. المهم أنه لم يعد بعد اليوم وبعد حادثة "تقرير غولدستن" المشؤومة أي مبررللسكوت عن تصرفات من هذا القبيل, بل وجب التصدي لها بكل الوسائل, لذلك لا أتردد من جهتي في هذه المساهمة المتواضعة بتلبية نداء الأخ المناضل المقاوم الدكتور محمد رحال, وبدوري أرجو من الأصدقاء الأعزاء وكل من يطلع على هذه الرسالة النضالية المقاومة أن ينشرها على أوسع نطاق خدمة لقضية فلسطين الحبيبة وحماية للقدس الشريف ودفاعا عن المسجد الأقصى المبارك ونضالا من أجل قيم الحرية والعدالة والإنسانية.
*********************************
وإليكم أعزائي الرسالة النضالية المقاومة:

اكثر من كذاب ... واكبر من خائن


د.محمد رحال.السويد/04/10/2009/


جاري السويدي والذي خرج معي متظاهرا في شوارع استوكهلم وفي درجة حرارة كذا مئوية تحت الصفر , والذي خرج معه طفله الصغير حاملا علما فلسطينيا صغيرا ، اوقفني اليوم وهو في وضع سيء للغاية ، وسألني مستغربا : هل عباس هذا هو فلسطيني حقا ؟؟؟؟الجالية الفلسطينية بكاملها في السويد كانت مصابة بدرجة كبيرة من الاحباط لهذا القرار المتعسف والمستهتر بدماء الشعب الفلسطيني والذي لم يستطع احدا منهم ابدا ان يجد تبريرا لهذا العمل المشؤوم الذي اقدم عليه سفير عباس السيد بوخريشه .قادة واعضاء مناضلون قدماء من فتح والذين كانت رسائلهم مليئة بالاستنكار , وموقفهم كان واضحا كالشمس : الموقف من ترحيل التصويت على قرار التجريم كان مخزيا .صائب عريقات وقبل التصويت بدقائق وفي مقابلة مع قناة الجزيرة ينكر تماما وجود اي نية لترحيل المشروع ، والمفاجأة ان السيد ابو خريشة يعلن ويبرر وبعد خمس دقائق ومن على نفس قناة الجزيرة ان الترحيل قد تم , وانه كان بسبب محاولة فلسطينية من اجل تكوين اجماع في موقف مليء بالكذب والمغالطات وفي مكان من الاستحالة فيه وجود اجماع بين متناقضين .السيد اوغلو الامين العام للمؤتمر الاسلامي والذي يستحق الشنق لانه عرف بالقرار الفلسطيني ورفض الخروج والدعوة الى مؤتمر صحفي يوضح فيه الموقف الفلسطيني والذي لم يكن ليتم لو ان السيد اوغلو اعلن عن مايسمى بالموقف الفلسطيني والذي سرقه عباس وصادر فيه حقوق الشهداء ودمائهم .الدول العربية والذين كانوا شهودا على تلك الجريمة النكراء لم تسعف احدا منهم الفطنة لتدارك الموقف وتأجيل التصويت ولو ليوم واحد من اجل تدارك الموقف او لفضحه وقبل ساعات مع علمهم بالموقف المخزي .عباس .. نعم عباس يعلن ان السلطة بريئة من قرار الترحيل , ويعلن مسؤولية الدول العربية الاعضاء عن القرار, في الوقت الذي يعلن فيه السفير المصري وبلا مواربة ان مصر لم تؤحذ ابدا بأي علم حول قرار ترحيل التصويت على اول قرار انساني يدين الكيان الصهيوني بجرائم ، الاردن سارعت الى نفي اي علم لها بقرار الترحيل مكذبين تماما ماجاء على لسان الرئيس الفلسطيني .العجيب ان السيد عباس يعلن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق , وهذا يعني ان قرار الترحيل لم يكن يجري في الكرة الارضية وانما في كوكب اخر لاعلاقة له بالقضية الفلسطينية ابدا حيث غابت معرفة الجميع بالفاعل الحقيقي , لتسجل هذه الجريمة المركبة ضد مجهول معلوم .ليست المرة الاولى التي يشكل فيها السيد عباس لجانا للتحقيق ، فقد كان له شرف تشكيل لجنة للتحقيق في اسباب وفاة القائد التاريخي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي انهت ملفها بتقرير مفاده ان الرئيس ياسر عرفات والذي مات مسموما ، انه مات شهيدا ولهذا فقد اوصت اللجنة بقراءة الفاتحة عليه وحفظ جثمانه في قالب اسمنتي من اجل ترحيله فيما بعد ليدفن في القدس بعد ان يتولى السيد عباس تحريرها ان شاء الله ومعه السيد ابو خريشة .وقصة لجان التحقيق بسرقات الملايين من اموال الشعب الفلسطيني والتي انتهت ايضا بتوصيات تقضي بقراءة الفاتحة على اموال الشعب الفلسطيني الصامد ومعها توصية اخرى بقراءة الفاتحة على الشعب الفلسطيني كاملا ومعها سورة المائدة.لجنة التحقيق والتي سارعت للتحقيق في ممارسات احد القادة من تجار الهواتف المحمولة والذي استغل وضعه الديبلوماسي، انتهت ايضا الى كتابة توصية خاصة تقضي بقراءة الفاتحة على ارباح الهواتف ومعها توصية خاصة بقراءة سورة المسد نكاية بالعدو الصهيوني واشاعاته .لجنة التحقيق والتي اشرفت على التحقيق في شأن اقتحام سجن اريحا وتحطيمه ثم اخذ السجناء فيه الى سجن هدريم وغيره لقادة ومناضلين من الفصائل الفلسطينية انتهت كذلك الى توصية خاصة بقراءة الفاتحة على ارواح كل السجناء والذين وعدتهم حكومة الكيان الصهيوني انهم لن يروا ضوء الحرية الا بعد رؤية نجوم الظهر في صيف صحراوي .لجنة التحقيق التي اعلن عنها السيد عباس للتحقيق في قضية التجارة باعضاء الشهداء اكدت ولدى فحصها مابقي من عظام للشهداء ، اكدت خلو الشهداء جميعهم من الاحشاء والمخ مع التوصية بقراءة الفاتحة على ارواح الشهداء من كلا الطرفين الفلسطيني والصهيوني .عشرات اللجان التي شكلت انتهت نهاية ايمانية بحتة وكما اراد لها الرئيس المؤمن الذي امر بتشكيلها ، مع قراءة سورة الفاتحة ومضافا اليها سورة يس .وحدهم من لم يقرأ عليهم رؤساء اللجان الفاتحة هم اؤلئك الشهداء الذين قضوا على يد المحتل الباغي , ومعهم ضحايا قطعان الاستيطان والذين تضاعف عددهم عشرات المرات منذ ان بدأت لجان التحقيق بالتشكيل , وحدهم المحاصرين الجوعى لم تقرأ عليهم اللجان الفاتحة لأنهم وبنظر القادة الجدد لصناع اوسلو اعداء حقيقيون لهم ولمن ارسل الطائرات لجلبهم ليكونوا اسواطا على ابناء شعبهم وسجانين لشرفاء وقادة النضال الفلسطيني وعونا للاحتلال وعيونا لهم.ان ماحصل في جنيف لايستدعي التنديد فقط بهذا العمل او استنكاره ، وانما يستدعي الدعوة لمن بقي من شرفاء فتح ان ينفذوا حكم الله في من خان هذا الشعب وباعه بدراهم معدودة فقد طفح كيل الخيانة وفاض بحر الكذب واستفحل داء الجاسوسية ، واثبت البعض من هذه القيادة انه اكثر من كذاب .. واكبر من خائن .د.محمد رحال.السويدhttp://mail.google.com/mail/h/ovppfuseat78/?v=b&cs=wh&to=globalrahhal@hotmail.comتحرير العراق وفلسطين واجب شرعي ديني ووطني وانساني فساهم في هذا الشرف الرفيع والذي لايدانيه شرف من اجل تحرير العراق وفلسطين وكل ارض سليبةساهم في توزيع ونقل المقال المقاوم عبر كافة الوسائل المتاحة

الجمعة، 2 أكتوبر 2009

نحن نفرط في الأقصى

























































نحن نفرط في الأقصى


سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير- سورة الإسراء

سكوت إن الصهاينة يهدمون الأقصى

هناك كلام في الصحف ووسائل الإعلام, وهناك احتجاجات في القدس الشريف وغزة وبيروت وطهران, بمعنى أن التحرك الحاصل إنما جاء من المقاومة ومن عاصمة ممانعة, والباقي كل الباقي يلتزمون الصمت الرهيب, إنه
الأقصى يا قوم!!! لكنهم لا يعقلون. فما معنى هذا؟

أولا:على مستوى الحكومات

المسألة بكل وضوح هي أن الحكومات مشلولة لأنها تستمد وجودها واستمرارها من الغرب وهي مرتبطة به مصلحيا تماما ولا يمكنها أن تتحرك دون أوامره, أو على الأقل دون موافقته ورضاه, فهو منصبها وحارسها وولي نعمتها, وليس من المعقول ولا من المنطقي ولا من الواقعي أن تتنكر له, وهي أصلا لا تستطيع أن تفعل, لأن النتائج ستكون وخيمة وكارثية عليها, فسوف يتخلى عنها ويحاصر بلدانها وربما يغزوها عسكريا ويطيح بها, وقد تصل الأمور إلى حد الإعدام للبعض ودرس الرئيس صدام لا زال جديدا وحاضرا في الأذهان وهو عبرة لمن يعتبر, وفي أحسن الأحوال سوف يترك الغرب الحكومات "المارقة" - إن وجدت - لشعوبها لكي تقتص منها وتطيح بها وتقيم سلطتها ودولتها البديلة, وإن كان هذا الاختيار مستبعدا لأن ضرره سيمتد لمصالح الغرب المتناقضة مع مصالح الشعوب المستضعفة, ولنفرض أن هناك من يحاول التمرد في مثل هذه الظروف العصيبة نظرا لخطورة الاستفزاز الصهيوني المؤيد والمبارك من الغرب الاستعماري, فإنه سيفشل حتما وسيعرض نفسه كنظام للخطر الجسيم, والسبب هو أنه لم يهيئ نفسه للمواجهة, فضلا عن الحراسة المشددة التي يقيمها الغرب على كل إعداد جدي لقدرات الدفاع عن النفس عسكريا وبكل الوسائل الأخرى, فكيف لمن يقف على خواء أن يدافع عن نفسه عند الحاجة؟ لقد أثبتت التجارب التاريخية أن الحروب غير ممكنة وفاشلة بسبب عدم الإعداد المسبق والدائم لخوضها, وقد أدى هذا السياق الخائب إلى ما يعرف الآن بمسلسل السلام, الذي هو في حقيقة الأمر استسلام, وخطة لتصفية القضية الفلسطينية والتضحية بالقدس الشريف والأقصى المبارك وحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية, هذه باختصار شديد وبتبسيط كبير الوضعية على مستوى السلطات أو الحكومات العربية والإسلامية

ثانيا: على مستوى الشعوب

تتحجج الشعوب بكونها مغلوبة على أمرها, وتحمل حكوماتها كل المسؤولية, وما إلى ذلك من الأطروحات المعروفة, والواقع أن هذا حق أريد به باطل, نعم إن الشعوب في أسوإ حال لها على مر التاريخ, حتى يمكن القول إنها تمر بفترة أقسى من الفترة الاستعمارية البغيضة, وأكثر وقعا وإيلاما, هذا لا جدال فيه, أما عن التفريط والتنصل من المسؤولية فلا, لأن التاريخ سوف يحاسبها هي وليس الحكومات, حيث إن هذه ذات مكانة ثانوية في سجلات التاريخ, والمكانة الأساسية إنما هي للشعوب والأمم, هي التي تصنع تاريخها بيدها وهي التي تقرر مصيرها بفكرها وعملها, نعم إن وعي شعوبنا حاليا هو ما دون الصفر, وهي في حالة استسلام تام على أساس أن القدر هو الذي كتب لها ما هي فيه بما في ذلك فقدانها للتحكم في مصيرها, وتولي حكومات معروفة بعجزها لشؤونها, تتصرف فيها تصرف المالك فيما يملك, هناك بعض العذر من هذه الناحية, لأن شعوبنا ممنوعة من عوامل التوعية, والتعتيم هو سيد الموقف, يفرضه الغرب والحكومات التي تدور في فلكه, لأنها تدرك أن انتشار الوعي هو الخطر الداهم الذي سوف يطيح بها, وينهي تحالفها المصلحي مع الغرب الاستعماري نهائيا, ويعيد الحق إلى صاحبه الذي هو الشعب دون غيره. إن المسؤولية الأساسية هنا تقع على عاتق النخب المثقفة التي تملك الوعي الكافي بالوضع, لكنها لا تقوم بواجب نشره بين شعوبها كنضال من أجل تحريرها من الوضع المهين المسلط عليها, غير أن هذه النخب - واحسرتاه - تجعل نفسها في خدمة الحكومات العاجزة المفرطة المتواطئة, من أجل مصالح شخصية بسيطة وضئيلة, هي عبارة عن فتات موائد السلطة, وهي لهذا تتحمل اللوم كل اللوم, وسوف تكون اللعنة جزاؤها العادل في سجلات التاريخ, فالمثقف الذي يبيع قضايا شعبه المصيرية, هو مدان بكل المقاييس إدانة كبرى قد تبلغ درجة الخيانة العظمى, وبطبيعة الحال فإن الحديث لا يستقيم عن الشخص, لأنه مهما كان مستواه الثقافي والعلمي لا يستطيع الذهاب بعيدا بمفرده, وإنما الحديث عن النخب المنظمة في هيئات وجمعيات وروابط, هذه هي التي تستطيع أن تفعل الكثير بتحالفها ووعيها والتزامها, يمكن أن تشكل قوة اقتراح وضغط تتعاظم مع مرور الوقت, إلى أن تصبح قوة لا يمكن للسلطات تجاهلها, وحينئذ يبدأ نفوذها السياسي كواقعة لا يمكن لأي كان أن يتجاوزها, لأنها بالإضافة إلى قوتها الطبيعية الذاتية, تستمد قوتها الأساسية من شعبها الذي لا يمكن له إلا أن يسير وراءها مؤيدا وداعما ومباركا عندما يشعر بأنها تعمل من أجل مصلحته وكرامته ومصيره. غير أن دور الشعوب ذاتها يبقى قائما ولا عذر لها في التفريط في الأقصى وقضايا المصير, لأنها في نهاية المطاف مسؤولة باعتبار أنه: (كما تكونون يولى عليكم )
نعم إنه على مستوى الشعوب أيضا لا يمكن الحديث هكذا بإبهام وغموض, فهي لا تستطيع العمل من غير تنظيم, لا بد أن تنضوي تحت لواء الأحزاب والجمعيات والروابط وغيرها, فمن غير تنظيم لا يمكن لها أن تقوم بأي شيء على الإطلاق, وعليها أن تراقب هذه التنظيمات بدقة, بحيث تكون في خدمتها, أي خدمة الشعوب, وليس في خدمة قياداتها, التي تنزلق بسهولة كبيرة - كما هو الواقع الحالي في معظم بلداننا - إلى التحالف مع السلطة أو التواطؤ معها مقابل مصالح ومنافع شخصية لتلك القيادات كما هو ملاحظ حاليا, هنا كذلك تقع المسؤولية على الشعب إلى جانب النخب السياسية والنقابية والجمعوية التي تضع نفسها في خدمة السلطات كما تفعل النخب المثقفة, وحينئذ تذهب مصالح الشعوب والأوطان هباء منثورا, فعلى الجماهير الشعبية والمتنورين من بينها أن تراقب الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني وتعاقب من ينحرف وتمنعه عن طريق هجرته وعدم الانتساب إليه, وسحب تأييدها له في المناسبات الانتخابية وغيرها, فيكون مصيره الهلاك والاندثار من الساحة السياسية والجمعوية نهائيا, كما هو الأمر في البلدان المتقدمة العريقة في الديمقراطية, حيث تستمد الأحزاب والتنظيمات الجمعوية وجودها واستمرارها من الشعوب وحدها, ومن ثم تبقى وفية لخدمة هذا المصدر الوحيد لوجودها واستمرارها وانتشارها وانتصارها .

كيف يمكن الدفاع عن الأقصى المبارك؟

في ظل الوضع الحالي المهين والعاجز والمفرط والمتواطئ, لا يمكن لشعوب العرب والمسلمين أن تدافع عن الأقصى الذي بارك الله حوله إلا بوسيلة واحدة ووحيدة هي الضغط على حكوماتها بكل الوسائل إلى أقصى درجة ممكنة, وأكاد أقول أو غير ممكنة, إلى أن تشعر تلك الحكومات بالخطر الحقيقي الذي يتهددها, وعندها تصبح مضطرة لمواجهة الغرب والضغط عليه, أي عند هذه الوضعية التي تصنعها الشعوب مهما كلفها ذلك تضطر حكوماتها للضغط على الغرب بكل الوسائل, وهو ضغط ممكن وقادر على حماية الأقصى لسبب بسيط هو أن الحكومات والغرب معا عندما يشعرون بأن مصالحهم مهددة بجدية, سوف يوقفون المهزلة, ويمنعون حدوث الجريمة التاريخية النكراء, بمعنى أن الشعوب قادرة على حماية الأقصى وتتحمل المسؤولية كاملة عن مصيره, وعن درء التهديد الصهيوني الإجرامي عنه, فإذا لم تفعل فسوف تنالها إدانة التاريخ القاسية, وعقاب الله الشديد, ولا عذر للشعوب و للنخب المثقفة و للطبقات السياسية والتنظيمات الجمعوية وللحكومات في أي مكروه - لا قدر الله - قد يلحق بالأقصى المبارك- أو بالقدس الشريف عامة
ولله الأمر من قبل ومن بعد - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


ابتهالات واحتساب الأقصى يحترق الخطر المحدق ابتهالات واحتساب الأقصى يحترق