الإعاقة الجنسية عند المرأة العربية
أفضل الحديث جهرا في هكذا موضوعات سرية عادة عند العرب, ذلك أنها من ضمن الطابوهات الثلاث المنهكة لحياتهم, والمعطلة لرقيهم منذ قرون خلت, ولا ينتظر لهم أن يتزحزحوا عن تقهقرهم ما لم يجدوا لها حلولا نهائية وجذرية متطورة مع تطور ظروف حياتهم وما يطرأ على الحياة العصرية في سائر أنحاء العالم, وفي بلدانه الموسومة بالتقدم خاصة, أعني بهذا الطابوهات أو الثلاثي الرهيب: الدين والسياسة والجنس, وأزعم مقدما أن حياة العرب لن تستقيم ما لم يسووا وضعيتهم تسوية سليمة أمام هذه الطابوهات العاصفة بحاضرهم ومستقبلهم, في هذا السياق تقع العاهة الخطيرة التي أطلق عليها إسم الإعاقة الجنسية عند المرأة العربية.
هذه الإعاقة النفسية ينتجها الضغط الاجتماعي الساحق للأنثى العربية منذ المهد وحتى اللحد, ففي سن مبكرة جدا, ربما في كثير من الأحيان في السن ما قبل المدرسي يبدأ الضغط المتنامي طردا مع تقدم سن الطفلة العربية, والتي تمارسها بشكل مباشر الأم المفجوعة بمسؤولية حماية ابنتها من شيء واحد هو الأخطر على الإطلاق, إنه سمعتها وشرفها, أو بالأحرى شرف الأسرة والقبيلة ويصعد التسلسل حتى البلد والمجتمع بأسره, كل هذا يختزله ويلخصه المجتمع العربي لدى المرأة حتى وهي في طفولتها المبكرة, فهي حاملة الشرف الذي يقتصر تقريبا على السلامة والطهارة الجنسية للمرأة في المظهر خاصة. لهذا تشدد الحراسة على البنت وتصبح أكثر تشديدا وإحكاما عندما تصير فتاة, ولا تنجو منها العجوز ذاتها, فالمرأة هي حاملة الشرف وحدها, وهي المسؤولة عنه وحدها, وهي المهددة من أجله بأقصى العقوبات ومنها القتل وحدها, وهي أيضا الممارسة لأهم دور في الحراسة الرهيبة في صورة الأم خاصة, ومعها بدرجات متفاوتة القريبات من أخوات وعمات وخالات, وهلم جرا, بل والجارات أيضا. كل هذا التشدد والشدائد التي تنشأ فيها الطفلة والفتاة سيدة المستقبل, تجعلها في نهاية المطاف تنسى نهائيا شيئا اسمه الجنس, بمعنى أنها تلغي مكونا جوهريا من مكوناتها النفسية والجسمية, وتلك لعمري هي الإعاقة الأخطر على الإطلاق
ذلك أن الأم وهي تربي ابنتها بمساعدة القريبات والجارات وحتى المعلمات, تختار بين اغتيال أنوثة ابنتها, وبين سمعتها واستمرارها العادي في الحياة العربية المعتادة, فتختار دون تردد الأمر الثاني, وتمارس الاغتيال المبرمج والمتصاعد مع نمو البنت إلى أن تصل إلى إلغاء الجنس نهائيا من نفس ابنتها, وهي بطبيعة الحال تمارس هذه المهمة الخطيرة, بمساعدة رجال الأسرة من زوج وأبناء وأقارب, من خلال حضورهم المباشر أو غير المباشر؛ حيث إنهم في النهاية هم من ينفذون العقوبات الكبرى أو أقسى العقوبات, ومنها جرائم الشرف, كما ينعتونها في تلميح إلى كونها مبررة بل وشريفة أيضا.
وهكذا تلج البنت الحياة العملية كزوجة أو عاملة أو مساهمة في أي نشاط اجتماعي, وربما كل هذا وهي محطمة مهزومة مستسلمة, بل ومشوهة نفسيا وجسميا, حيث إن أهم وظائفها الحيوية تكون قد تعطلت نهائيا أو على الأقل كمنت ويصعب إعادة تنشيطها ربما مدى الحياة. وبهذا الصدد يمكن لأي كان أن يتثبت من الأمر من خلال محيطه والأصدقاء المقربين خاصة, من خلال الخوض في تجربة الزواج لديهم, إذا كانوا ممن يدققون الملاحظة, ويبحثون الأمر مع زوجاتهم, وينجحون في اكتساب ودهن وفك عقدة لسانهن, ليجيبن على الأسئلة المطروحة بدقة ووضوح, مما يفيد أنهن فاقدات – في الغالب – للرغبة الجنسية, ولا يشعرن بأي شيء عند الممارسة الواجبة أو الجبرية مع أزواجهن, وقد يقضين العمر كله على تلك الحالة البشعة من الإعاقة الجنسية, لكن ربما قد ينجح بعض الأزواج المدركين للمأساة أو الذين يتواصلون مع زوجاتهم بانسجام طبيعي على سبيل المصادفة, بسبب طبائعهم المتشابهة والمتناغمة فطريا مع نسائهم, وإن كانت هذه حالات نادرة بالطبع, قد يفلح هؤلاء في إعادة الأمور إلى نصابها بالتدريج, وبالتالي الوصول إلى إحياء الصحة الجنسية لدى شريكاتهم, اللواتي يكتشفن لأول مرة, وربما بعد إنجاب أكثر من طفل أن الجنس رغبة طبيعية جميلة وجامحة وممارسته ممتعة, ويستعدن بذلك في نهاية المطاف حياتهن الطبيعية, غير أن نسبة هؤلاء النساء تكاد تكون مهملة في المجتمع العربي.
هل يمكن معالجة هذه المأساة؟
كل شيء ممكن, غير أن هذا الأمر الخطير في ذاته, وفيما يسببه من إعاقات أخرى اجتماعية ونفسية كارثية, ينبغي لمعالجته أن نتناول طابو الجنس ومعه – ربما – طابو الدين والسياسة, إذ بدون معالجة متزامنة وثورية جذرية للطابوهات الثلاث, لا يتوقع للمعالجة نجاحا نظرا لتداخل الظواهر وترابطها وتشابكها والتحامها في ذات الوقت, بحيث يستحسن معالجة الأمر عن طريق ثورة اجتماعية جذرية, تطيح بالأسباب المؤدية للإعاقة وغيرها من أسباب التخلف والتقهقر الاجتماعي كله. ولأنه من غير الممكن تناول كل هذه الظواهر دفعة واحدة في هذا الحيز الضيق, فإننا نكتفي هنا بالتناول الخفيف والعابر لعلاقة التشريع الديني خاصة بهذه المسألة العويصة, وقد كتبت مرة عن باب الاجتهاد المغلق منذ عشرة قرون أو يزيد, وكان رأي بعض الإخوة مغايرا, وقد يكونون على حق جزئيا, كون بعض الاجتهادات الهامة موجودة بالفعل, وهي ذات أهمية كبيرة, عندما تتصدى بالفتوى وإصدار الأحكام على قضايا معاصرة, لم يسبق لها أن عولجت شرعيا, غير أن باب الاجتهاد الذي أقصده أكبر من كل هذا بكثير, إني أقصد التشريع الشامل والجذري كذلك التشريع الذي وضعه الأئمة الكبار, أصحاب المذاهب الكبرى التي لا زلنا تابعين لها منذ ذلك الزمان, فعلى مجتمع الإسلام اليوم, وعلى علماء الإسلام المعاصرين أن يضعوا مثل تلك التشريعات الشاملة الكافية لمعالجة مشاكل المجتمع المسلم المعاصر كل الكفاية, وفي هذا الإطار ينبغي معالجة مشكلة الجنس جذريا, لأن هذه المشكلة لم تكن مطروحة إطلاقا على أئمة المذاهب الكبرى في عصرهم الذهبي, بسبب بساطة الحياة آنذاك, حيث لم تكن هناك عنوسة ولا عزوبية, والحال أن تكاليف الحياة وقتها بسيطة فالكل بإمكانه أن يفتح بيتا ما دام هذا عبارة عن خيمة أو بناء بسيط في مقدور كل الناس إقامته بكل سهولة ويسر, كما أن العمل المنتشر آنذاك متوفر للجميع, والكل بإمكانه أن يشتغل وينأى بنفسه عن البطالة, مما يؤدي إلى الزواج بمجرد البلوغ لدى الجنسين وأحيانا بل ربما في غالب الأحيان يقع الزواج قبل البلوغ عند الفتاة خاصة, ومن هنا فإن الأئمة الكبار أصحاب المذاهب لم يضعوا حلا لمشكل غير مطروح, أما في يومنا هذا فالمسألة مطروحة بحدة, وينبغي بأي ثمن على المجتمع وعلمائه ذوي الصلة بالموضوع, وعلى رأسهم علماء الدين أن يجدوا الحل الجذري لمسألة الجنس.
كل شيء ممكن, غير أن هذا الأمر الخطير في ذاته, وفيما يسببه من إعاقات أخرى اجتماعية ونفسية كارثية, ينبغي لمعالجته أن نتناول طابو الجنس ومعه – ربما – طابو الدين والسياسة, إذ بدون معالجة متزامنة وثورية جذرية للطابوهات الثلاث, لا يتوقع للمعالجة نجاحا نظرا لتداخل الظواهر وترابطها وتشابكها والتحامها في ذات الوقت, بحيث يستحسن معالجة الأمر عن طريق ثورة اجتماعية جذرية, تطيح بالأسباب المؤدية للإعاقة وغيرها من أسباب التخلف والتقهقر الاجتماعي كله. ولأنه من غير الممكن تناول كل هذه الظواهر دفعة واحدة في هذا الحيز الضيق, فإننا نكتفي هنا بالتناول الخفيف والعابر لعلاقة التشريع الديني خاصة بهذه المسألة العويصة, وقد كتبت مرة عن باب الاجتهاد المغلق منذ عشرة قرون أو يزيد, وكان رأي بعض الإخوة مغايرا, وقد يكونون على حق جزئيا, كون بعض الاجتهادات الهامة موجودة بالفعل, وهي ذات أهمية كبيرة, عندما تتصدى بالفتوى وإصدار الأحكام على قضايا معاصرة, لم يسبق لها أن عولجت شرعيا, غير أن باب الاجتهاد الذي أقصده أكبر من كل هذا بكثير, إني أقصد التشريع الشامل والجذري كذلك التشريع الذي وضعه الأئمة الكبار, أصحاب المذاهب الكبرى التي لا زلنا تابعين لها منذ ذلك الزمان, فعلى مجتمع الإسلام اليوم, وعلى علماء الإسلام المعاصرين أن يضعوا مثل تلك التشريعات الشاملة الكافية لمعالجة مشاكل المجتمع المسلم المعاصر كل الكفاية, وفي هذا الإطار ينبغي معالجة مشكلة الجنس جذريا, لأن هذه المشكلة لم تكن مطروحة إطلاقا على أئمة المذاهب الكبرى في عصرهم الذهبي, بسبب بساطة الحياة آنذاك, حيث لم تكن هناك عنوسة ولا عزوبية, والحال أن تكاليف الحياة وقتها بسيطة فالكل بإمكانه أن يفتح بيتا ما دام هذا عبارة عن خيمة أو بناء بسيط في مقدور كل الناس إقامته بكل سهولة ويسر, كما أن العمل المنتشر آنذاك متوفر للجميع, والكل بإمكانه أن يشتغل وينأى بنفسه عن البطالة, مما يؤدي إلى الزواج بمجرد البلوغ لدى الجنسين وأحيانا بل ربما في غالب الأحيان يقع الزواج قبل البلوغ عند الفتاة خاصة, ومن هنا فإن الأئمة الكبار أصحاب المذاهب لم يضعوا حلا لمشكل غير مطروح, أما في يومنا هذا فالمسألة مطروحة بحدة, وينبغي بأي ثمن على المجتمع وعلمائه ذوي الصلة بالموضوع, وعلى رأسهم علماء الدين أن يجدوا الحل الجذري لمسألة الجنس.
حتى يتفرغ الناس رجالا ونساء لبناء مجتمعهم المعاصر مسخرين في ذلك كل طاقاتهم الإنتاجية والإبداعية دون هوادة, وهم لا ريب غير فاعلين ما دام الجنس يطحنهم طعنا بما يعانونه من جوع جنسي وعقد ومركبات نفسية وجسمية خطيرة ناشئة عن كبت الحياة الجنسية وقمعها إلى درجة الضمور والاختفاء عند المرأة في صورة إعاقة وتشويه في منتهى الخطورة. لقد قال أحدهم عن المشرعين الكبار نحن رجال وهم رجال, نعم إن الأمر في جوهره كذلك, لكن أين رجال العصر؟؟؟ وحتى إن كانوا موجودين, وهم كذلك بالفعل, فإنهم مكبلين بقيود وموانع خطيرة تجعلهم هم الآخرون في حالة إعاقة علمية, لذلك على المجتمع أن يقوم بواجبه نحو علمائه, وفي مقدمة تلك الواجبات حمايتهم وضمان حرية التفكير والتعبير لديهم, ذلك أن حرية الفكر ينبغي أن تكون بلا حدود, وهو ما كان لدى نشوء المذاهب الفقهية الكبرى وغيرها من إنجازات الحضارة العربية المسلمة العملاقة في شتى المجالات, إذ أن حرية الفكر واجبة حيث يمثل فضاؤها دائرة الحرية كما قيل, وهو ما نستشفه ونلمسه بوضوح من النص القرآني الكريم, والأمر على العكس من ذلك في فضاء العمل, حيث نجد دائرة الحتمية والجبرية هي السائدة, وذاك هو الأمر السليم, دائرة الحرية التي من أهمها الفكر والتفكير مفتوحة ومشرعة على مصراعيها, لأنه لا يلزم عنها أي شيء, حيث إنها مجرد تفكير, لكن إذا نضج ذلك التفكير وانتهى إلى قواعد وقوانين للعمل, فإنه يتعين احترامها وتطبيقها بكل صرامة وإلزام, وذلك ما قتل سقراط العظيم ذات زمان قبل الميلاد.
من أجل هذا يجب رفع القيود عن التشريع الإسلامي وتحرير العلماء المؤهلين له كل القيود, ليفكروا بعمق إلى أن يصلوا إلى قوانين جديدة أو تشريعات, عندها يجب أن تخضع لنقاش واسع من دوي الاختصاص وحتى من مجوع الناس, ليقع التأكد من سلامتها, ثم تعتمد وتطبق بصرامة ودون تأجيل أو تعديل, حيث إنها حينئد تكون قد دخلت فضاء الحتمية والجبر.فكوا القيود يا قوم عن العلماء ليفكوا قيودكم, واشعروهم بأن دائرة الفكر هي دائرة الحرية, ولهم أن يفكروا بكل طاقاتهم ودون أي احتياط, كما أمر رب العالمين في كتابه العزيز, وهو خالق الإنسان وعقل الإنسان وحواسه وسائر ما فيه من جسم وروح, وهو الذي سمح سبحانه بل أوجب الخوض بالعقل في شؤون الدين والدنيا, بل الخوض في الله نفسه من كل الجوانب, وهو ما طبقه الرعيل الأول من علماء الأمة وحكمائها ومفكريها ومشرعيها, فأتوا بما أتوا من روائع شدت انتباه الدنيا لقرون ثمانية على الأقل. وإنه لمن الأفضل بل من الأوجب ممارسة التشريع المعاصر في مجمعات أكاديمية تضم علماء من كل فروع العلم الديني والدنيوي ذات الصلة بالموضوع حتى يكون التشريع ناجحا وعمليا وصحيحا مؤقتا على الأقل, مثل العلم تماما الذي يواصل التطور ويتحول بمرونة مع الاكتشافات والاختراعات الجديدة, كذلك ينبغي على علم التشريع الشرعي أن يكون, لا بد له من مواكبة الحياة العصرية ويضع لها تشريعاتها يوميا, حتى يتحرر المجتمع المسلم المعاصر من كل قيود أي كانت, ويكون بالفعل خير أمة أخرجت للناس, يمكن أن تكون له كلمته العليا والمسموعة في تسيير مجتمع العالم اليوم وتسييره لفائدة الإنسانية جمعاء ولفائدة استقرارها وازدهارها وطمأنينتها وسعادتها الغامرة ولم لا؟؟؟
المطلوب من مستعملي هذا الفضاء من زوارنا الكرام الالتحاق بمنتدياتنا الجديدة: منتديات الصمود الحر الشريف - أو: http://elsoumoud elcharif.mescops.com
ردحذفحيث نشاطنا اليومي مع مجموعة طيبة من المفكرين والأدباء والشعراء والعلماء. مرحبا بكم في مقركم الجديد.